الانقسام النقدي .. يفاقم معاناة المواطنين ويوسع دائرة الفقر

تعيش اليمن منذ سنوات على وقع انقسام نقدي عميق بين صنعاء وعدن، تسبب في تآكل القوة الشرائية للمواطنين وتضخم أسعار السلع الأساسية، وأدى إلى تفاقم معدلات الفقر في بلد يصنّف من بين أفقر دول العالم.
ويُعزى هذا الانقسام إلى طباعة كميات كبيرة من العملة المحلية (الريال اليمني) من دون غطاء، من قبل بنك عدن، مقابل رفض صنعاء التعامل مع هذه الطبعات الجديدة، ما أوجد نظامين نقديين مختلفين داخل بلد واحد. هذا الواقع أدى إلى فوضى اقتصادية خانقة وازدواج في أسعار الصرف وتفاوت كبير في الأجور والمعاملات المالية بين المحافظات .
مواطنون يدفعون الثمن
يجد المواطن اليمني نفسه في مواجهة مباشرة مع هذا الانقسام؛ فبينما يتقاضى الموظفون رواتبهم بالعملة الجديدة ذات القيمة المتدنية، تُسعَّر أغلب السلع وفق سعر صرف العملة القديمة المعتمدة في صنعاء، ما يخلق فجوة هائلة بين الدخل والإنفاق.
ويشير تقرير حديث للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما تفيد تقارير اقتصادية محلية بأن معدل التضخم تجاوز 70% خلال السنوات الأربع الماضية، مع استمرار تدهور سعر صرف الريال اليمني في مناطق الجنوب والشرق.
تداعيات على الاقتصاد الوطني
أدى الانقسام النقدي إلى تعطيل السياسات المالية والنقدية الموحدة، وفقدان الثقة في النظام المصرفي، وهروب الاستثمارات، وارتفاع أسعار التحويلات الداخلية والخارجية. كما أثّر بشكل مباشر على عمل المنظمات الإنسانية التي تواجه صعوبات متزايدة في تحويل الأموال ودفع الرواتب وتنفيذ المشاريع الإغاثية.
مطالب بتحييد الاقتصاد
يطالب اقتصاديون ومؤسسات مدنية بضرورة تحييد الملف الاقتصادي والمالي عن النزاع السياسي والعسكري، والبدء بحوار اقتصادي شامل بإشراف دولي، بهدف إعادة توحيد البنك المركزي، ووقف طباعة العملة دون غطاء، واستعادة السياسة النقدية الموحدة، كخطوة أساسية للتخفيف من معاناة المواطنين.