بدء العام الدراسي الجديد .. عبء اقتصادي جديد يثقل كاهل الأسر اليمنية

كتب / عبدالواسع احمد
مع دقات أجراس العام الدراسي الجديد 1446–1447هـ (2025–2026م)، تبدأ ملايين الأسر اليمنية رحلة شاقة عنوانها “البحث عن مقعد لأحلام أطفالهم وسط ركام المعاناة”. ففي ظل أزمة اقتصادية خانقة ونظام معيشي متدهور، لا يبدو أن عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة مجرد بداية لمرحلة تعليمية، بل هي اختبار حقيقي لقدرة أولياء الأمور على مجابهة همّ اقتصادي يتجدد كل عام.
فابتداءً من يوم السبت المقبل، يتوافد الطلاب والطالبات إلى مدارسهم، حاملين على ظهورهم حقائب جديدة، وفي قلوبهم تطلعات لعام دراسي أفضل، غير أن تلك الحقائب تظل ثقيلة ليس بمحتواها، بل بما تكلفه من أعباء مالية ترهق كاهل الأسر التي تعيش بين سندان الحرب ومطرقة انقطاع الرواتب.
** التعليم في زمن الحرب… كفاح مستمر
رغم الواقع المعيشي الصعب، تبقى مواصلة التعليم إنجازاً يحسب للقطاع التربوي، لا سيما في المناطق التي تفتقر لأبسط مقومات الاستقرار. فالمدارس تفتح أبوابها مجددًا، في وقت يواجه فيه أولياء الأمور صعوبات جمّة لتوفير المستلزمات الأساسية لأبنائهم، من زي مدرسي وكتب ودفاتر وأقلام، إلى رسوم تسجيل تُعد –في كثير من الحالات– عائقاً يحول دون التحاق الأطفال بالتعليم، خاصة في المدارس الخاصة أو حتى في بعض المدارس الحكومية التي تعاني من شح الموارد.
ويعجز كثير من الآباء عن تلبية احتياجات أبنائهم التعليمية، في ظل غلاء الأسعار وتآكل القدرة الشرائية، ما يدفع بعضهم إلى الاستدانة أو بيع مقتنياتهم البسيطة لضمان عام دراسي لا يُحرم فيه طفل من حقه الطبيعي في التعلم.
** معاناة مزدوجة… واستعدادات ناقصة
لا تقتصر معاناة الأسرة اليمنية على تأمين المستلزمات المادية، بل تمتد إلى الجانب النفسي، حيث يواجه الطلاب عوائق عديدة في التكيّف مع الأجواء المدرسية، نتيجة ضغوط الحرب والتهجير وتشتت العائلات. ويشير خبراء علم النفس التربوي إلى أن الاستعداد للعام الدراسي لا يجب أن يُختزل في الحقائب والكتب، بل ينبغي أن يشمل التهيئة النفسية والعقلية للطفل، وهو أمر يصعب على كثير من الأسر توفيره في ظل الظروف الراهنة.
ويرى المختصون أن ثلاثة أركان أساسية تُعدّ ضرورية لاستقبال العام الدراسي بشكل سليم: الجاهزية النفسية، والقدرة العقلية، والاستعداد المادي. غير أن الركيزة الأخيرة باتت شبه غائبة لدى شريحة واسعة من المجتمع، ما يضع علامات استفهام كبرى حول مستقبل جيل يواجه خطر التسرب من التعليم بسبب الفقر.
** تحدٍ مجتمعي ومسؤولية وطنية
ورغم كل التحديات، يصرّ الآباء والأمهات على تأدية رسالتهم التربوية بأقصى ما يملكون، في ظل غياب سياسات حكومية واضحة لدعم الأسر المحتاجة أو توفير تعليم مجاني فعّال. وتتحمل الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارات التربية والمنظمات الإنسانية، مسؤولية كبيرة في ضمان حق التعليم للأطفال وتخفيف الأعباء الاقتصادية على أولياء الأمور.
إن استمرار التعليم في اليمن، وسط هذه الظروف، لا يعدّ مجرد إنجاز تربوي، بل هو مقاومة مجتمعية حقيقية، في وجه الحرب والفقر واليأس.